لم يعد النصب والاحتيال مجرد مكالمات هاتفية مشبوهة أو رسائل بريد إلكتروني تحمل وعودًا كاذبة بالثراء السريع. مع التطور الهائل في التكنولوجيا، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، اتخذت عمليات الاحتيال منحى جديدًا أكثر تعقيدًا وتطورًا. لم يعد المحتالون يعتمدون فقط على الحيل النفسية التقليدية، بل أصبحوا يستخدمون “خوارزميات الخداع” – أدوات وبرامج تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عملياتهم الإجرامية بكفاءة وفعالية أكبر.
وفي خضم حياتنا اليومية وتعاملاتنا المتنوعة، سواء كانت مالية أو تجارية أو حتى اجتماعية، يتربص بنا خطر خفي يتلون بألوان مختلفة وتتخذ أساليب متجددة، لا تستثني أحدًا وقد توقع بضحايا من مختلف شرائح المجتمع. من هنا، تبرز أهمية التوعية القانونية كسلاح فعال ودرع واقٍ يحمي أفراد المجتمع من الوقوع في براثن المحتالين.
إن الجهل بالقوانين والإجراءات القانونية المتعلقة بالنصب والاحتيال يجعل الأفراد أكثر عرضة للاستغلال. فكثيرًا ما يقع الضحايا في فخ عروض مغرية أو وعود كاذبة، مدفوعين بالطمع أو الحاجة أو حتى الثقة المفرطة، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف أمام خسائر فادحة ومعارك قانونية قد تطول.
وقد تولت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد محمد بن سلمان ال سعود -حفظهما الله- اهتمامًا بالغًا بمكافحة الجرائم المالية بكافة أشكالها، ومن ضمنها قضايا النصب والاحتيال، وذلك لحماية المواطنين والمقيمين والحفاظ على استقرار المعاملات الاقتصادية وتعزيز الثقة في النظام المالي وقد نص مشروع نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/79) وتاريخ 1442/9/10هـ على أنظمة وهذه خطوة حاسمة نحو تعزيز الحماية القانونية ومكافحة الجريمة بفعالية
وقد سهلت بالقيام بعدة إجراءات ومبادرات وتشمل الجهات الحكومية
ومنها وزارة الداخلية قد سهلت في عملية الإبلاغ عن قضايا النصب والاحتيال من خلال منصات إلكترونية مثل “أبشر” و “ناجز” وتطبيق “كلنا أمن”، مما يتيح للمتضررين تقديم بلاغاتهم بسهولة وسرعة.
والبنك المركزي السعودي (ساما)، حرص على تحديث الأنظمة الأمنية بشكل مستمر لمواكبة أحدث أساليب الاحتيال. وقد وضع البنك المركزي دليلًا لمكافحة الاحتيال المالي يلزم المؤسسات المالية بتحديد المخاطر ومعالجتها بفعالية. في تنظيم ومراقبة المؤسسات المالية لضمان تطبيق أفضل الممارسات في مكافحة الاحتيال وحماية أموال العملاء.
ختامًا، سبب اختياري لي هذا العنوان “خوارزميات الخدع والفخ المنصوب” لنوضح للقاري الطرق والأساليب المنظمة والمخطط لها بدقة التي يستخدمها المحتالون لتنفيذ عمليات الاحتيال والإيقاع بضحاياهم. هذه “الخوارزميات” قد تتضمن مراحل متعددة، بدءًا من اختيار الضحية المحتملة، مرورًا بإنشاء قصة أو سيناريو مقنع، وصولًا إلى الضغط على الضحية لاتخاذ قرار سريع يخدم مصلحة المحتال. لذلك إن التوعية القانونية ليست مجرد مسؤولية تقع على عاتق الجهات المختصة، بل هي مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود الجميع. مجتمع واعٍ بحقوقه وقوانينه هو مجتمع أكثر أمانًا وقدرة على مواجهة التحديات وحماية نفسه من براثن الجريمة. فلنجعل من القانون حصنًا يحمينا جميعًا من الوقوع ضحايا للنصب والاحتيال.