يؤسفني في أول أيام عيد الفطر المبارك لعام 2025م – 1446هـ، حيث تتجدد التهاني والتبريكات لكافة الشعوب العربية والإسلامية، إلا أن فرحة العيد لا تكتمل في بعض بقاع الأرض، حيث الألم والمعاناة والخراب والدمار لا يزالان ينهشان أوطانًا أنهكتها الحروب والصراعات. ففي هذا اليوم الذي يُفترض أن يكون يوم سلام ومحبة، يحق لنا أن نتساءل: أما آن لشعبي غزة واليمن أن يعيشا بأمن وسلام؟ آما آن لهذين الشعبين الكريمين أن يعيشا بكرامة وإنسانية؟ آما آن لهذين الشعبين أن لا يقدمان قرابين على أبواب طهران؟ آما آن لهذين الشعبين أن يتخلصا من الجماعات الإرهابية والمليشيات التي تضحي بهم لأجل أجندتهم ومصالحهم السياسية؟ إلى متى سيضلون كذلك؟ وهم يكابدون الويلات والكوارث والأحزان والدمار في ظل قيادة ثلة من المجانين والمعتوهين المرتهنين للخارج؟ اما من رحمة في الأرض تنتشلهم من كل هذا ليعيشوا كبقية شعوب العالم؟
إن غزة واليمن، شعبان منكوبان، عانيا لسنوات من الدمار والويلات، وليس بسبب قلة الموارد أو ضعف الإمكانيات، بل نتيجة تحكم جماعات مسلحة ومليشيات أيديولوجية، وضعت مصالحها فوق مصالح شعوبها. تُرفع الشعارات، وتُساق التبريرات، لكن الحقيقة تبقى ثابتة: المواطن في غزة وصنعاء لم يختر طريق الحروب، بل فرضت عليه بفعل مغامرات غير محسوبة، واتخاذه ورقة تفاوض بيد قوى إقليمية ودولية. هذا مع إحساننا الظن!؟ فالخشية أن يكون هذين الشعبين قد تم بيعهم بليلة ظلماء لأهداف ومصالح شخصية واسرائيلية؟ ونؤمن ايمان مطلق بأن الزمن وحده كفيل بأن يكشف ذلك فإن غدا لناظره لقريب.
ففي غزة، ما زال الشعب يدفع ثمن سياسات حماس، التي جعلت منه درعًا بشريًا في معاركها السياسية، ورهينة لمخططات لا تخدمه بقدر ما تخدم أجندات خارجية. وفي اليمن، يدفع الشعب فاتورة عبث ميليشيا الحوثي، التي استولت على مقدرات الدولة، وحولت البلاد إلى ساحة صراع إقليمي، خدمةً لأطماع طهران.
إن السؤال الملحّ اليوم هو: أما آن لهذين الشعبين أن يقررا مصيرهما بعيدًا عن المليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تدّعي تمثيلهما؟ أما آن لهما أن يرفضا تقديم أبنائهم قرابين على أبواب المشاريع الإقليمية؟ أما آن لهما أن يطالبا بقيادة وطنية حقيقية، تسعى لتحقيق الاستقرار، بدلاً من زجّهما في صراعات خاسرة؟
إن حجم الكوارث التي حلت بغزة واليمن لم يعد يخفى على أحد، ولا يمكن تبرير استمرارها بمقولة “هذا قدرهم”، فالله لا يكتب على عباده إلا الخير، أما الشر فهو نتاج أفعال البشر. وعلى المجتمع الدولي والعالمي أن يتحمل مسؤولياته تجاه معاناة هذين الشعبين، وأن يسعى لإيجاد حلول جذرية تضع حدًا لسيطرة الجماعات المسلحة، وتعيد إليهما الأمن والاستقرار.
ومع كل هذا يبقى الأمل في غدٍ مشرق؟ فمن بين صرخات الأمهات، وأنين الجرحى، ودموع الأطفال الذين ولدوا ولم يعرفوا إلا أصوات الانفجارات، يبقى الأمل قائماً بأن يأتي اليوم الذي تعود فيه غزة واليمن إلى حياة طبيعية، تسودها الطمأنينة والرخاء. فالتاريخ أثبت أن الشعوب قد تصبر، لكنها لا تستسلم للظلم إلى الأبد.
نسأل الله العلي القدير أن يعيد العيد القادم وقد تحرر هذان الشعبان من قبضة المليشيات، وأن ينعموا بالعيش كما يليق بأي شعب حر في هذا العالم.
وكل عام والبشرية بخير وامن وسلام.