عبدالعزيزالماجد/أخبار الشمال
في الساعة الأولى من ذكرى 7 اكتوبر للعام 2023م الذي مرّت سنة كاملة على ما بشر به من شؤوم، عبر ما عرف بعملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس ضد الكيان الصهيوني في هجوم وصفه كثيرون بالمغامرة غير المحسوبة ولا المدروسة. وبالذكرى الأولى لهذا الحدث الدموي، نذكر بأن الشعب الفلسطيني كان هو الضحية الكبرى، إذ بلغ عدد شهدائه ما يفوق الستين ألفاً، 70% منهم من الأطفال والنساء كما تجاوز أعداد المصابين ما يفوق المئة الف مصاب. حيث مشهد الدماء والأشلاء التي تلطخت بها شوارع غزة والمدن الفلسطينية مما يدفعنا إلى التساؤل: بأي ذنب يُقتلون؟
لقد جاءت هذه العملية المستهجنة، والتي رافقتها وعود بتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية وايدلوجية، بنتائج كارثية على أرض الواقع. حيث أتى القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ليحولها إلى “أثر بعد عين” وتصبح عبارة عن ركام وغير صالحة للحياة البشرية. وبقي المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة هو من يدفع الثمن، وما زالت الأرواح تُزهق والأمل بالسلام يتلاشى أمام صمت عالمي مريب؟.
في الجانب الآخر من الحدود، جاء تدخل (حزب الله) بفتح جبهة دعم ومساندة لغزة، كما قيل. الا أن ما تبين لاحقًا هو أن الحزب مخترق استخباريا للنخاع، فلم تمر إلا أيام قليلة على ما سمي “بمجزرة البيجر” حتى بدأ زعماء الحزب يتساقطون واحدًا تلو الآخر، وفي ظرف أسبوعين تم القضاء على جل القيادات، بما في ذلك الأمين العام للحزب (السيد حسن نصر الله)، وكذلك خليفته المرتقب وابن خالته (هاشم صفي الدين) ليبقى السؤال المعلق: من يدفع هؤلاء الشباب إلى الموت في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
إن القضية الفلسطينية، التي ارتبطت تاريخياً بالصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، باتت تستخدم كأداة في أيدي قوى إقليمية تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل دور إيران، التي تُملي على ميليشياتها في المنطقة، سواء في غزة أو لبنان او العراق واليمن، أوامر القتال والدخول في صراعات مدمرة لا تخدم شعوب المنطقة، الذين يُقتلون اليوم ليس دفاعًا عن أرضهم أو وطنهم أو حقهم في العيش الكريم، بل في حرب بالوكالة تخوضها أذرع إيران بالمنطقة بهدف ابعاد الخطر عنها وتحقيق مصالحها الإقليمية.
فبأي ذنب يُقتل الأطفال الفلسطينيون في غزة؟ وبأي ذنب تُدمّر العائلات اللبنانية التي تكتوي بنيران هذه الحرب المجنونة؟ وقد بلغ عدد النازحين فيها اكثر من مليون ونصف نازح لا مأوى لهم إلا الشارع؟ بالإضافة الى الاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين؟! وكيف يمكن أن نستمر في السكوت على هذه الجرائم التي تُرتكب بحق شعوب لم يكن لها أي خيار بإشعال فتيل هذه الحروب والصراعات الدامية؟
لقد أصبح واضحًا أن هذه المعارك، التي تدار بأوامر من إيران وبتخطيط من أطراف إقليمية أخرى، لا تعني تحقيق الاستقرار أو التحرير لشعوب المنطقة. بل انها تجرهم إلى مزيد من الدمار والفوضى والهلاك؟
ألم يأن الأوان للتوقف عن هذا العبث الذي استباح الأرواح وسفك الدماء واستحل الممتلكات ودمر الأوطان؟ والبدء في بناء مستقبل جديد؟ مستقبل تحترم فيه مكانة الأرواح وتحقن فيه الدماء؟ وتصان فيه الممتلكات وتحمى الأوطان؟! وتُمنح الشعوب فرصة للعيش بكرامة، بدلاً من أن تكون وقوداً لحروب لن تنتهي ولن تمحى آثارها السلبية إلا بعد عقود من الزمان.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه وهو؟ متى يتوقف هذا المسلسل الدموي وهذا العبث الغير مسؤول والذي يهدر دماء الأبرياء ويستبيح أرواحهم، ويعصف بأحلام شعوب بأكملها؟ طالما كانت تتطلع للعيش بأمان وسلام واستقرار؟