عبدالعزيز الماجد/أخبار الشمال
تعتبر مهنة الصحافة من أقدم المهن التي تسعى لإيصال الحقيقة للجمهور والحفاظ على حقوقهم. ولهذا الغرض، وضعت الصحافة ميثاق الشرف الصحفي الذي يحدد المعايير الأخلاقية والمهنية التي يجب على الصحافيين الالتزام بها.
بالمقابل نجد بأن الصحافة في منطقة الجوف بشكل عام تعاني الكثير من التحديات والمشاكل التي تعوق من عملية تقدمها وتطورها المنشود؟
وهذا برأيي الشخصي يستدعي تظافر الجهود وتوافق الآراء وبناء الثقة لتعزيز التعاون والعمل بروح الفريق الواحد في مسعى جاد لخلق عملية تكاملية تنطوي في إطار المحددات والضوابط التي أقرتها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام وكذلك هيئة الصحفيين السعوديين على مستوى المملكة.
ولمن لا يعلم فإن الصحافة مهنة (لكسب المصداقية وتعزيز الشفافية وتحمل المسؤولية) وليست مهنة (للتبروز والظهور وكسب المال) فأهميتها نابعة من حجم دورها المؤثر في عملية محاكاة الوعي وقيادة الرأي في محيطها الاجتماعي. وهذا الأمر يحملها مسؤولية جسيمة ويلقي عليها ثقلا معنويا ووطنيا، لا بد أن يعيه كل العاملين والمنتسبين إلى هذا المجال.
ونشدد على إن يؤخذ الأمر بجدية ومسؤولية ووعي في أهمية التعاون ودوره المؤثر في تطوير قطاع الصحافة وتعزيز دورها في المجتمع. وهذا لن يكون إلا من خلال الالتزام بميثاق الشرف الصحفي والإعلامي الهادفان إلى رفع مستوى المهنية والجودة والمصداقية على هذه الساحة، كما سيسهم هذا الأمر في انتشالنا من الدائرة التي نتقوقع حولها، ويدفعنا إلى تقديم مستوى أعلى من المهنية والمصداقية وإبراز الشفافية في عملية نقل الأخبار ونشرها، خاصة وأن المنطقة لديها عدد يناهز المائة صحفي منتشرين على مساحة منطقة الجوف الإدارية، ولكن ذلك لا يعني شيء في هذا المجال فالعدد مسألة نسبية لا يبنى عليها في عملية تقييم العمل الإعلامي أو الأداء الصحفي لأن هذه المهنة تبحث عن النوع وليس الكم؟ ومن الواجب على الجميع مراعاة ذلك من خلال اعلاء قيم الاستئثار في مجال الصحافة وهو عنصر مهم في عملية خلق التكامل الضروري لصناعة صحافة محلية قوية وقادرة على تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، فبدون التعاون بين الصحفيين ووسائل الإعلام المحلية الذي يساهم في تعزيز تبادل المعلومات وتحسين جودة الأخبار لن نستطيع أن نحقق شيء مما يأمله أهالي المنطقة ومسؤوليها ويعولون عليه مقارنة بدورنا المهم في هذا الجانب.
بالمقابل فإن من الواجب على الإدارات المعنية في كل الجهات الرسمية والحكومية وأقسام العلاقات العامة والإعلام، أن تلعب دوراً هاما بهذا الصدد وذلك من خلال تسهيل مهام وسائل الاعلام المحلية اثناء تغطياتها، والأهم من ذلك الالتزام بضوابط هيئة تنظيم الاعلام ومراعاة توصياتها، وفي هذا السياق نشير إلى ما صدر من قرارات مؤخرا عن هيئة تنظيم الاعلام والتي أقرت وقف التعامل في نقل الأخبار مع الجهات الإعلامية الغير مرخصة وكذلك مع الذين لم يحصلوا على الشهادة المهنية الصادرة عن الهيئة وتم تحديد يوم ثلاثين من شهر إبريل الماضي للعام 2024م موعدا نهائيا لتفعيل القرار الذي أصبح نافذا وعلى الجميع الالتزام والتقيد وتحمل المسؤولية كونه أمر متعلق بحفظ حقوق الاعلاميين وتنظيم الاعلام، ومع كل أسف بأن الحاصل عكس ذلك تماما فحتى الآن لم يؤخذ الأمر على محمل الجدية والحسم اللازمان.
من ناحية أخرى، يجب أن يدرك الجميع على أن الشللية والتحزبات التي تصور مشهدا من العشوائية يمر بها إعلام المنطقة، من الظواهر السلبية التي قد تنعكس على الساحة الإعلامية بالمجمل لتجعل منها ساحة للصراعات والتنافسات غير المثمرة، وتؤدي إلى تشتيت الجهود وتشويش المعلومات المهمة، مما يعيق تقديم الخدمات الصحفية بالشكل المنظم والموضوعي الذي يراعي مصالح البلاد ويصب في خانتها.
وهنا يجــدر بنا الإشــارة إلى أن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن نواف بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف يحفظه الله، والذي يعد من الشخصيات المهمة والمؤثرة في تاريخ المنطقة وهذا واقع ملموس يشهده الجميع بالنظر إلى ما قام به من نقلة نوعية غيرت وجه المنطقة في وقت وجيز شملت كل الجوانب والقطاعات وساهمت برفع جودتها إلى أعلى معايير النجاح الذي يتماهى مع مستهدفات الرؤية الوطنية 2030 وما تتطلع إليه القيادة الرشيدة _أيدها الله_ من نهضة وتقدم وازدهار.
أما فيما يتعلق بمجال الإعلام والصحافة فكلنا يدرك مدى الاهتمام والحرص اللذان يوليهما سموه لهذا الجانب المهم والحساس، وقد ترجم هذا الاهتمام بوضوح من خلال كم المبادرات المتنوعة والهادفة التي أطلقها وكلها تصب في رفع المستوى الإعلامي للقدر الذي يليق بتاريخ المنطقة وبحضارتها وأهمية دورها على المستوى الوطني.
وتأتي هذه الجهود المباركة من لدن سموه بوصفها جزء من رؤيته الرائدة في تعزيز دور وسائل الإعلام المحلية ورفع مستوى الشفافية في نقل الحقائق والأخبار بموضوعية ومهنية عالية تضمن تحسين جودة الاعلام وتشجيع العمل الجاد والمهني الذي يرتقي بالساحة الإعلامية.
وتعد مبادرات سموه في هذا المجال محطة انطلاق هامة لتحقيق تقدم وتطوير في مجال الإعلام، حيث تعتبر هذه المبادرات مرسى نجاة لصناع الأخبار والصحافيين في المنطقة.
وعلينا إذا ما كنا جادين وراغبين في خدمة المنطقة أن نترجم تقديرنا وامتناننا لدور سموه في تعزيز وتطوير الساحة الاعلامية في منطقة الجوف، من خلال تحملنا لمسؤولياتنا وارتقائنا لحجمها بما يحسن أدائنا الإعلامي والصحفي، والذي يتطلب منا العمل بروح التعاون والانفعال في سبيل تعزيز صحافة محلية قادرة على تحمل المسؤوليات والقيام بالواجبات المناطة بها، فالدعم اللا متناهي الذي قدمه سموه ، وكل الامكانيات التي عمل على تسخيرها كانت في سبيل خلق بيئة نظيفة وملائمة في مساعدتنا على حصد النجاحات المأمولة ضمن مسيرتنا الإعلامية، وبالعموم فإن ما يقوم به سموه أمر يستحق الاحترام ويدفع بداخلنا مشاعر الحماس لنتشرف بأن نكون عونا خلف قيادته لمستقبل الجوف المشرق _بعون الله_ ومن البديهي أن يجعلنا ذلك مدركين بأن أي تقاعس أو تخاذل في هذا الجانب يعني انتكاسة لا تتوافق مطلقا مع ما تبذله قيادة المنطقة وما تحققه من نهضة وتطوير كما نوهنا شمل مختلف قطاعاتها الحيوية والمهمة، فمن يرى بنفسه غير قادر على تحمل المسؤولية بوزنها الثقيل فخيرا له أن يتجنب مشكورا.
أخيرا… الجميع دون استثناء مطالب بالعمل على رفع مستوى أدائه وتعاونه وتضامنه بما يعزز من فرص تكامل الإعلاميين في مسيرتهم الوطنية نحو النهضة والتقدم والإزدهار الذي شهدته وستشهده مملكتنا الغالية بكل مناطقها ومدنها، فالساحة الإعلامية مكانا لقيادة الوعي والرأي ورفعه إلى مستوى يليق بحجم ومكانة الوطن، وليست ساحة للنزاعات والصراعات التي قد تؤثر سلبا على الصحافة المحلية ودورها بما لا يتناسب مع منطقة حيوية بأهمية منطقة الجوف موطن التاريخ والحضارة بكل ما تمثله وتحكيه معالمها الأثرية المنتشرة على طول مساحتها الجغرافية، كما انه لا يتناسب ايضا مع دورها الوطني المهم من حيث أثره الإقتصادي الذي يعزز من البنية التي قامت رؤية المملكة ٢٠٣٠ عليها مستهدفة بشكل رئيسي تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على موارد النفط، وجميعنا يعلم بأن منطقتنا منطقة غنية بثرواتها المعدنية ومواردها الطبيعية وسياحتها الجيولوجية، وكل هذه العوامل عوامل دعم لفرص نجاح الرؤية المباركة، بالقدر الذي تعد فيه ركيزة للنهضة الإعلامية المنشودة.
التوصيات:
1. تعزيز التعاون والشراكة بين الجهات الحكومية في المنطقة ووسائل إعلامها المحلية الرسمية والمرخصة لتعزيز وتنمية الساحة الإعلامية.
2. تقديم الدعم المالي والموارد اللازمة لوسائل الإعلام المحلية الفاعلة لتعزيز جودة المحتوى والتنوع.
3. تشجيع التدريب والتطوير المهني للكوادر الإعلامية المحلية لرفع مهاراتهم والإرتقاء بمستوى الإنتاج الإعلامي من خلال تقديم الدورات المهنية وعقد الندوات وورش العمل.
4. دعم وتشجيع الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة في مجال الإعلام الرقمي لتحسين تقديم المحتوى وزيادة الوعي الإعلامي.
5. تطوير تشريعات وسياسات بضوابط دقيقة تضمن حق وسائل الاعلام المحلية في الوصول إلى المعلومة من مصدرها مع تحمل هذه الوسائل مسؤولياتها تجاه ضوابط النشر التي أقرتها هيئة تنظيم الاعلام.
6. إطلاق مبادرات وحملات إعلامية لتوعية المجتمع بأهمية دور وسائل الإعلام المحلية وتعزيز الانخراط والتفاعل معها.
7. دعم وتشجيع الإنتاج الإعلامي المحلي والابتكار الإعلامي الخاص بالمنطقة لإبراز الثقافة والهوية المحلية.
8. مراقبة ورصد وتقييم أداء وسائل الإعلام والمنتمين لها في المنطقة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة النواقص وتحسين الأداء.
9. تشجيع ودعم المبادرات الإعلامية الابداعية والمتنوعة، مثل البرامج الثقافية والتوعوية والترفيهية.
10.رصد جائزة سنوية تنافسية من إمارة المنطقة ومحافظاتها تقدم باسم سمو أمير المنطقة ـ يحفظه الله ـ لأفضل أداء إعلامي إن كان على المستوى المؤسسي أو الفردي.